كان في مدينة الكوفة قاضٍ عادل، يُشتهر بذكائه وحسن حكمه.
وذات يوم جاءه رجلان يختصمان في بستان.
قال الأول:
– أيها القاضي، هذا البستان لي، زرعته بمالي وتعبت فيه، وهذا الرجل يريد أن يغتصبه.
وقال الثاني:
– كذب يا سيدي! البستان لي، ورثته عن أبي وجدي، وهذا الرجل يريد أن يأخذه مني ظلمًا.
فكر القاضي قليلًا، ثم قال:
– اجلسا عندي حتى أتأكد من الحق.
أمر أن يؤتى بالبستاني الذي يخدم في ذلك البستان منذ سنين، وسأله:
– لمن هذا البستان يا رجل؟
فقال البستاني:
– لا أعرف، سيدي. أحيانًا يأتيني هذا فيأمرني، وأحيانًا ذاك، وأنا أعمل لمن حضر.
فأمر القاضي أن يُؤتى بتراب من البستان. فأخذ حفنة بيده وشمّها، ثم قال:
– يا أهل المجلس، لقد عرفت صاحب البستان!
تعجب الناس وقالوا: كيف عرفت؟
فأجاب القاضي مبتسمًا:
– وجدت رائحة العرق في هذا التراب، فهي تشهد لمن زرع وسقى وتعب فيه. أما الذي يزعم أنه ورثه فلم يعرف حتى رائحته.
فأقرّ الرجل الثاني بخطئه، وحكم القاضي لصاحب الحق.
وانصرف الناس يعجبون من ذكاء القاضي وعدله.
العبرة:
الحق لا يضيع ما دام وراءه من يتمسّك به، والباطل قد يعلو حينًا لكنه لا يثبت أمام العدل والذكاء.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق